واجب اﻷسرة المسلمة
أيها المسلمون اتقوا الله سبحانه وتعالى..قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [سورة التوبة:119]، أماسمعت من شريط فرسان الدعوة ما سمعت، فلعله ألهب مشاعرك وحرك أحاسيسك،فدونك ما دونته من أوراق الدعوة وهذا ما تحتاج إليه في طريقك الطويل، بذلتفيه جُهدي حتى اشتد منه جَهدي، فلعلها خفقات قلب قبل أن تكون حركات قلم،فإن وفقت فيها فمن عند الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان. 1- الورقة الأولى:الدعوة إلىالله ليست نفلاً أو تطوعاً يقوم به المسلم، بل هي أمر محتم عليه ودلالة مندلالات النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى اللهعلى بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} [سورةيوسف:108]، وقد أمر الله نبيه بالدعوة، فقال تعالى: {لكل أمةٍ جعلنامنسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدىًمستقيم} [سورة الحج:67]. وقد صرح علماءالإسلام أن الدعوة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين،لكن هل يكفي في هذا الزمن الذي نحن فيه هؤلاء الدعاة، حيث كثرت الشروروالخطوب، يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "وإذا لم يقم أهلالإقليم أو أهل القطر بالدعوة على التمام، صار الإثم عاماً والواجب علىالجميع، ويكون فرض عين في حال وجودك في مكان لا يوجد فيه سواك". 2- الورقة الثانية:ما جاء في حديثالنبي صلى الله عليه وسلم : ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك منحمر النعم))، ومعنى كلامه صلى الله عليه وسلم : أن هدايتك لفرد واحد أفضلمن الإبل المحمودة عند العرب، إن كل حركة يتحركها المهتدي وكل تسبيحة وكلتحميدة وكل ركعة يركعها أو سجدة يسجدها، بل كل إحسان يفعله، لك مثل أجرهلأنك السبب في ذلك بعد الله عز وجل، عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: أنرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله))رواه مسلم.. يا الله فماللدعاة من أجرٍ كبير يتتابع عليهم في حياتهم وبعد مماتهم، يأتون يومالقيامة وإذا حسنات كالجبال لا يذكرون أنهم فعلوها، لكنهم كانوا السببفيها، وتمام فضل الله على الدعاة أنه حتى وإن لم يستجب المدعو فإن أجرالداعية ثابت بفضل الله ومنهِ وكرمهِ، والذي على الداعية أن يجتهد ويبذلما يستطيع في الدعوة إلى الله.3- الورقة الثالثة:وأنت توجهدعوتك للناس فاجعل قصدك رضاه، لا تنتظر من أحد جزاءً ولا شكوراً، احذر أنتنتظر من الدعوة أن تتبوأ فيها وتجعلها سلماً للظهور والمناصب والجاه، عنالشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله قال في كتاب التوحيد، في باب الدعاءإلى شهادة أن لا إله إلا الله، قال: "المسألة الثانية التنبيه علىالإخلاص، لأن كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه". وفي رسالة عمربن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم أجمعين، قال:"فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومنتزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك شانه الله، فإن الله لا يقبل منعبده إلا ما كان خالصاً"، إن الإخلاص سبب في قبول العمل وتوفيق الله عزوجل. وعلى الداعيةأن لا ينظر إلى جهده ودعوته نظر المستكثر أو يردده ترديد المان به علىالله، فكل جهد يقدم في الدعوة إلى الله مهما كان حجمه هو قليل أمام ماكلفنا به الله، لقد أمر الله نبيه بالدعوة فناداه، بقوله جل وعلا: {ياأيها المدثر * قم فأنذر} [سورة المدثر:1-2]، فقام النبي بذلك أحسن قيام،ثم بين له إنكار ذاته وحذره من استكثار ذلك، فقال جل وعلا: {ولا تمننتستكثر} [المدثر:6]. 4- الورقة الرابعة:إن استطعت أنلا تحك رأسك إلا بأثرٍ فافعل، عليك بدعوتك بهدي النبي صلى الله عليه وسلموإياك ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فيالنار. كن على بصيرةمن أمرك، والبصيرة شرط في الدعوة، قال تعالى : {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِيأَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِيوَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة يوسف:108]،فلا تدعو إلى شيء دون دليل وإذا علمت شيئاً فادعو إليه، ولا تنتظر أن تكونعالماً بكل شيء، ففي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((بلغواعني ولو آية))، وإذا جهلت شيئاً فإنما شفاء العِيُّ السؤال، فلا تفت بجهلأو تدعو إلى ضلالة وأنت لا تعلم، عن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا فأصابرجلٌ منا حجر فشج رأسه فنام فاحتلم، فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة فيالتيمم، فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلماقدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: ((قتلوه قتلهم الله،ألا سألوا إن لم يعلموا، فإنما شفاء العِيُّ السؤال)). 5- الورقة الخامسة:أخرج الترمذيوالطبراني وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى اللهعليه وسلم قال: ((المسلم إذا كان مخالطاً الناس ويصبر على أذاهم، خير منالمسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)). أيها الأخالكريم.. شارك الناس وخالطهم وعظهم، خيرٌ لك من أن تقبع في بيتك تقابلالجدران دون جهد يذكر، وهذا ابن الجوزي رحمه الله يقول: "ألست تبتغي القربمنه، فاشتغل بدلالة عباده عليه، فهذه حال الأنبياء فهل كان شغلهم إلا حثالناس إلى الخير ونهيهم عن الشر".
قال الغزالي
رحمه الله: "اعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان، فليس خالياً في هذا
الزمان من منكر، فإن أكثر الناس جاهلين بالشرع في شروط بالصلاة في البلاد،
فكيف بالقرى والبوادي".
فالجهل بالدين
أمر واضح جلي في هذه الأيام، سمعت منذ أيام داعية في دعوة الجاليات يحدث
فيقول: "مررت ببعض العمال فكنت أسألهم فعلمت أن منهم من لا يعرف اسم النبي
صلى الله عليه وسلم فضلا عن معرفة سنته وهديه فأحدهم عندما سئل عن اسمه
صلى الله عليه وسلم قال اسمه آدم والآخر قال: لا أدري فقال له الداعية
ألست تشهد أن محمد رسول الله، قال : بلى، قال: إذاً إنه محمد نبيك صلى
الله عليه وسلم"، وإذا شئت أن تقايس جهل الناس بالمدن فقايس ذلك في
البوادي والقرى، ستجد هناك أناس لا يعرفون قراءة الفاتحة، وآخرون لا
يعرفون الوضوء، وآخرون لا يعرفون من ضروريات الإسلام ما يقيمون به دينهم،
فمسؤلية من هذه إنها مسؤلية الجميع.
6- الورقة السادسة :
أيها الداعية
إلى الله عليك بخصلتين يحبهما الله (الحلم والأناة).. فإذا لقيت من الناس
إعراضاً وصدوداً فاحلم واصبر، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من اتقى
الله لم يشفي غيظه ومن يتقي الله لم يفعل ما يشاء، ولولا يوم القيامة لكان
غير ما ترون".
سب رجل ابن عباس رضي الله عنه فلما فرغ قال ابن عباس رضي الله عنه: "يا عكرمة هل للرجل حاجة فنقضيها ؟" ، فنكس الرجل رأسه واستحيا.
وضرب رجلٌ قدم حكيم فأوجعه فلم يغضب فقيل له في ذلك فقال: "أقمته مقام حجر تأثرت به فذبحت الغضب".
ولقي بعض الجند
إبراهيم بن أدهم في البرية، فقال له أين العبرة فأومأ بيده إلى المقابر،
فضربه الجندي فشج رأسه، فقيل له: هذا بن أدهم فرجع يعتذر إليه، فقال
إبراهيم: "الرأس الذي يحتاج إلى اعتذارك تركته ببلخ" أي في الموضع الذي
ضربتني فيه.
وعلى من يعمل
بالدعوة أن يصبر ولا يستعجل شيئاً قبل أوانه، وعليه التثبت قبل الحكم على
أي شيء، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الطائف يدعو الناس
فصدوه أيما صدود وأوعزوا إلى بعض سفهاؤهم فضربوه بالحجارة فأدموا قدميه
الشريفتين، فعاد إلى مكة ولم يفق إلا في قرن الثعالب فجاءه ملك الجبال
وقال له: ((إن الله يأمرني أن أسألك إن أردت أن أطبق عليهم الأخشبين))،
فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا، أسأل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده))،
وفعلاً حدث ذلك، أن أخرج عكرمة من صلب أبي جهل وخالد من صلب الوليد بن
المغيرة، أعتى أعداء الدعوة إلى دين الله.
7- الورقة السابعة:وصايا جامعة..
- أيها الداعي إلى الله عليك بالرفق واللين، فمن حرم
- الرفق حرم الخير كله، قال تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً
- غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا
- عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} [سورة آل عمران:159]، فهل أنت
- أحسن حالاً من محمد صلى الله عليه وسلم.
[/center]
- لا تنظر إلى المثبطين وإرجافهم وتصويرهم للباطل أنه كجدارٍ لا يمكن اختراقه، وسر في طريقك مستعيناً بالله.
- أيها الدعاة احذروا التنازع ففيه
الفشل، قال تعالى: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم
واصبروا إن الله مع الصابرين} [سورة الأنفال:46]، فاجتمعوا ولا تتفرقوا
فتختلفوا وتتنازعوا.
النمل تبني قراها في تماسكها |
|
والنحل تجني رحيق الشهد أعوانا
|
- [center]ثم إذا اختلفنا في بعض الأمور فلا يصح
|
أو يختـلف نسبٌ يؤلـف بيننا |
| دين أقـمـنـاه مقــام الوالدِ |
اللهم صلِ على نبينا محمد وعلى أصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
د/ عمر بن سعود العيد
المصدر :
المكتب التعاوني للدعوة والارشاد